Skip to main content

أسئلة غير وجودية

"ما لي لا أقوى على أبسط مهامي اليومية ؟! ما لي أشعر بالكسل يسيطر على جميع أطرافي ؟! لم أكن -طوال حياتي- من المسوّفين و لم أتهاون يوم فيما يتعلق بعملي و لكن لا أدري ماذا أصابني !
ربما هو ملل من الحياة. و لكن كيف الملل و حياتي تتسم منذ نشأتي بعدم الإستقرار و التبدل من حال إلى حال في أقل من يوم ؟!
ربما قد سئمت من الحياة -الغير مملة- التي أحياها. ربما هناك جزء مني يحتاج إلى الهدوء و الإستقرار الداخلي. ربما مللت لعدم وجود نظام يومي يتحكم في يومي. ربما أرهقني تفكيري العابث الذي يحلل و كأنما هو حاسب آلي. ربما هي روحي تستغيث بخالقها بعدما أهلكها البعد عنه. ربما هو يأس من عدم المحاولة. ربما هو الفراغ يعتصر النفس.

هي أسئلة بلا إجابات و نُنصح بالابتعاد عنها لعدم الوقوع في حفرة الإكتئاب التي لا قاع لها ولا نهاية.
و لكن ماذا يحدث عندما يرهقنا التفكير في كل الأمور كبيرها و صغيرها .. المهم منها و المتسم كل الإتسام بالتفاهة و العبث ؟!
لا أدري و لكن شخصياً أصبحت ألاحظ تأثيرات هذا التفكير و ما يعود به عليَّ هذا الوقت الضائع فيما لا أجد له سبباً و  لاسبيل للنجاة منه.

أصبحت أتأثر بأقل الاشياء و أبسطها، أصبحت الوحدة ملاذ و الصمت حصن منيع و أي محاولة لإقتحام الحصن تبوء بالفشل و الإرتداد على قائد المحاولة إما بالسؤال عن حاله و الإستماع و المساعدة -إن أمكن- أو بخيبة الأمل للإحساس بالفشل في محاولة الإقتحام.
أصبح سوء الظن سلاح يوّجه نحو الأقربين قبل الأغراب. وما أدراك ما سوء الظن بمن هم ملاذك -أقصد من كانوا ملاذك- ! هو دائرة سوداء تمتصك بداخلها لتجد العديد من أسباب الحزن بالداخل .. الحزن لأنك أسأت الظن بمن لا يجوز لك الظن بأنهم قد يؤذوك أو يخيبوا لك أمل .. و الحزن بسبب ظنك السئ إلى أن تثبُت صحته من عدمها و ما أجمل الحزن الممزوج بمرارة الإنتصار لأنك كنت على صواب في ذلك الظن.

أخبرني يا عزيزي يا من تضحك بأعلى صوت .. هل تضحك من الداخل أيضاً ؟! هل تفرح حين تُبدي الفرحة ؟! لما تُداري ما بداخلك ؟! أحزين لما علمته و استنتجته ؟! أحزين لأنك علمت حقيقة الكون و من هم حولك ؟! أحزين لأنك علمت أنك خُلقت لتكون وحيداً و أنك المتحكم فيما يتعلق بك .. أنت و أنت فقط ؟! كل من هم حولك و من يدّعون أنهم يحزنون لما يصيبك و يهتمون بشأنك ما هم إلا مُدّعون و ها هم يهرعون إلى ملاجأهم عندما يتعلق الأمر بهم أو يعود إليهم ؟! أين هو ملجأك يا عزيزي ؟! مالك من ملجأ إلا الله فاهرع إليه و هرول.

هو على حق. ربما أنا برئ بعض الشئ .. لا ليست براءة بل هي سذاجة .. سذاجة .. حسن الظن سذاجة .. و إنتظار المدد من الناس -حتى الأقربون-  سذاجة .. و الخوف على مصالح الآخرين سذاجة .. و الحزن لهم سذاجة. أنا ساذج يضيّع حياته. و يأمل أن يجد النُصح و لكنه يعلم ٱنا لا أحد يهتم ولا أحد يستطيع. أو ربما كان هناك من يفعل ذلك و لكنه أضاعه بسذاجته المفرطة.

أحسنت يا عزيزي .. جلد الذات هو أولى الطرق للتغلب على ما تعاني منه. تذكر كل مرة حزنت و ضاق صدرك فتكومت في حصن الصمت و استترت وراء يأسك تحتمي به. تذكر كل مرة حاولت فيها اللجوء للناس و خذلوك. تذكر الخذلان جيداً ولا تنساه. احزن يا عزيزي ولا تتوقف عن اليأس. لابد من انقطاع الأمل من الناس. ارجع إلى ربك و اطلب منه الأنس به. هو أقرب إليك من حبل الوريد. هو الباق و كلنا زائلون. هو فقط من لا ينقطع منه الرجاء و لا ييأس من رحمته سوى الخاسرون و أنت لست خاسراً يا عزيزي. اعتزل الناس يهدأ بالك و يطمئن قلبك و تأنس بربك.
أنت على حق و لكني استغرب لما تهتم و تنصحني ؟! أتشفق عليً ؟! و كيف عرفت كل ذلك ؟! هل أخبرك بما يجول في خاطري ؟! من أنت ؟!

يا عزيزي أنا نفسك أساعدك لنمضي نحو الصواب. أنا أنت و أنت أنا.

اللهم ردنا إليك رداً جميلاً.

Comments

Popular posts from this blog

من أنا ؟!

كلما بدأت فى كتابة ما يدور بخاطري لا أنفك أمحو كل ما كتبته يدي و كأنني كتبت طلاسم سحر أسود ستقضي عليّ إن بقيت. لا أدري ما سبب ذلك ولا أعلم كيفية التخلص من هذه الحال التي لا أجد لها مُسمى ولا تفسيراً منطقياً. هل فقدت قدرتي على التعبير أم أنني لم أعد أستطيع البوح بما فى داخلي و اعتنقت مذهب السكوت و غرقت فى بحور الصمت أم أن الأحداث التي مررت و مازلت أمر بها تجبرني على ذلك؟! و لكن منذ متى و أنا انحني أمام الصعاب ؟! منذ متى و أنا ضعيف الإرادة بهذا الشكل ؟! منذ متى هذا التشتت و الإجهاد العقلي من كثرة التفكير فى كل الأمور صغيرها قبل كبيرها ؟! أشعر أنني شخص آخر غيري. شخص لا ينتمي إليّ ولا أعرف عنه مقدار أُنملة. شخص يتفنن في إشغال وقته بكل السبل الممكنة حتى لا يتسنى له الوقت للجلوس مع نفسه و التأمل فى الماضي و التخطيط للمستقبل. " من أنا؟! " سؤال لا ينفك يتردد في أذني و أسمع صداه في كل رأسي و أركان قلبي. ألمٌ يعتصرني ولا أقوى على مواجهته. الفشل .. شبح يطاردني أم صديق يجالسني ؟! أسئلة متكررة لا أبحث لها عن إجابات حتى لا ينتهي بي الأمر فى قاع حفرة الإكتئاب وحيداً شريداً بلا مأوى

فَكَانَ خَيْرًا لَهُ

عارف لما تعمل zoom على حتة معينة في صورة .. بتشوف إيه ؟! بتشوف الحتة اللي انتا عامل عليها zoom بس .. ده بالظبط نفس حالنا - او حال معظمنا- لما بنقع في إبتلاء شديد شوية .. بنبدء نشوف الدنيا ضلمة و إن إحنا بس اللي حالنا كده و كل اللي حوالينا مش بس كويسين .. لأ .. دول في أحسن حالاتهم كمان و يبدء صدرنا يضيق و نتخنق و يبدأ الشيطان و النفس يشتغلوا .. "إشمعنا أنا ؟!" "ليه كده ؟!" مع إن كل دي أسئلة إجاباتها معروفة .. الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال : " عَجِبْتُ لِلْمُؤْمِنِ ! إِنْ أَص َابَتهُ سراء حَمِدَ اللَّهَ وَشَكَرَهُ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ احْتَسَبَ وَصَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ " ... و في رواية أخرى : " عَجِبْتُ لِلْمُؤْمِنِ ، لا يَقْضِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ قَضَاءً إِلا كَانَ خَيْرًا لَهُ " ... لو الواحد يصبر و يحتسب هيبدأ يشوف الصورة كاملة تاني و يعرف إن ده الخير بلا شك و إنه حصل لحكمة يعلمها الله -عز وجل- . قالوا زمان .. " الصبر مفتاح الفرج " الجملة دي مش من فراغ و الله. ربنا يجعلنا من